Friday, May 19, 2017

IKHLAS // KITAB TANBIHUL GHOFILIN

 أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ جَبَلَةَ الْيَحْصُبِيُّ، قَالَ: كُنَّا فِي غَزْوَةٍ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَصَحِبَنَا رَجُلٌ مِسْهَارٌ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا أَقَلَّهُ، فَمَكَثْنَا أَيَّامًا لَا نَعْرِفُهُ ثُمَّ عَرَفْنَاهُ، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا أَنَّ قَائِلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِيمَ النَّجَاةُ غَدًا؟ قَالَ: «أَنْ لَا تُخَادِعَ اللَّهَ» ، 

قَالَ: وَكَيْفَ نُخَادِعُ اللَّهَ؟ قَالَ: " أَنْ تَعْمَلَ بِمَا أَمَرَكَ اللَّهُ وَتُرِيدُ بِهِ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ، وَاتَّقُوا الرِّيَاءَ فَإِنَّهُ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَإِنَّ الْمُرَائِي يُنَادَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: يَا كَافِرُ، يَا فَاجِرُ، يَا غَادِرُ، يَا خَاسِرُ، ضَلَّ عَمَلُكَ وَبَطَلَ أَجْرُكَ، فَلَا خَلَاقَ لَكَ الْيَوْمَ، فَالْتَمِسْ أَجْرَكَ مِمَّنْ كُنْتَ تَعْمَلُ لَهُ يَا مُخَادِعُ ".
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا أَنْ أَكُونَ قَدْ أَخْطَأْتُ شَيْئًا لَمْ أَكُنْ أَتَعَمَّدُهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] .
مَنْ أَرَادَ أَنْ يَجِدَ ثَوَابَ عَمَلِهِ فِي الْآخِرَةِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى بِغَيْرِ رِيَاءٍ ثُمَّ يَنْسَى ذَلِكَ الْعَمَلَ لِكَيْلَا يُبْطِلَهُ الْعُجْبُ، لِأَنَّهُ يُقَالُ حِفْظُ الطَّاعَةِ أَشَدُّ مِنْ فِعْلِهَا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَاسِطِيُّ: حِفْظُ الطَّاعَةِ أَشَدُّ مِنْ فِعْلِهَا؛ لِأَنَّ مَثَلَهَا كَمَثَلِ الزُّجَاجِ سَرِيعُ الْكَسْرِ، وَلَا يَقْبَلُ الْجَبْرَ، كَذَلِكَ الْعَمَلُ إِنْ مَسَّهُ الرِّيَاءُ كَسَرَهُ، وَإِذَا مَسَّهُ الْعُجْبُ كَسَرَهُ، وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا وَخَافَ الرِّيَاءَ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُخْرِجَ الرِّيَاءَ مِنْ قَلْبِهِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْمَلَ وَلَا يَتْرُكَ الْعَمَلَ لِأَجْلِ الرِّيَاءِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ تَعَالَى مِمَّا فَعَلَ فِيهِ مِنَ الرِّيَاءِ فَلَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوَفِّقَهُ لِلْإِخْلَاصِ فِي عَمَلٍ آخَرَ.
وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: إِنَّ الدُّنْيَا خَرِبَتْ مُنْذُ مَاتَ الْمُرَاءُونَ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْمَلُونَ
أَعْمَالَ الْبِرِّ، مِثْلَ الرِّبَاطَاتِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْمَسَاجِدِ، فَكَانَ لِلنَّاسِ فِيهَا مَنْفَعَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ لِلرِّيَاءِ فَرُبَّمَا يَنْفَعُهُ دُعَاءُ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
كَمَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ بَنَى رِبَاطًا وَكَانَ يَقُولُ فِي نَفْسِهِ: لَا أَدْرِي أَكَانَ عَمَلِي هَذَا للَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا، فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ فَقَالَ لَهُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ عَمَلُكَ لِلَّهِ تَعَالَى فَدُعَاءُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَدْعُونَ لَكَ فَهُوَ لِلَّهِ تَعَالَى، فَسُرَّ بِذَلِكَ.
وَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: اللَّهُمَّ أَهْلِكِ الْمُنَافِقِينَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَوْ هَلَكُوا مَا انْتَصَفْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، يَعْنِي أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ إِلَى الْغَزْوِ وَيُقَاتِلُونَ الْعَدُوَّ.
وَرُوِيَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ: يُؤَيِّدُ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِقُوَّةِ الْمُنَافِقِينَ وَيَنْصُرُ الْمُنَافِقِينَ بِدَعْوَةِ الْمُؤْمِنِينَ.
تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي الْفَرَائِضِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَدْخُلُ فِيهَا الرِّيَاءُ لِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، فَإِذَا مَا أَدَّى مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الرِّيَاءُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَدْخُلُ الرِّيَاءُ فِي الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا.
هَذَا عِنْدِي عَلَى وَجْهَيْنِ: إِنْ كَانَ يُؤَدِّي الْفَرَائِضَ رِئَاءَ النَّاسَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ رِئَاءَ النَّاسِ لَكَانَ لَا يُؤَدِّيهَا فَهَذَا مُنَافِقٌ نَامٍ وَهُوَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145] ، يَعْنِي فِي الْهَاوِيَةِ مَعَ آلِ فِرْعَوْن، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَوْحِيدُهُ صَحِيحًا خَالِصًا لَكَانَ لَا يَمْنَعُهُ عَنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي الْفَرَائِضَ، إِلَّا أَنَّهُ يُؤَدِّيهَا عِنْدَ النَّاسِ أَحْسَنُ وَأَتَمُّ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ يُؤَدِّيهَا نَاقِصَةً، فَلَهُ الثَّوَابُ النَّاقِصُ وَلَا ثَوَابَ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهَا مُحَاسَبٌ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

0 comments:

Post a Comment

 
Copyright © . Dzikir dan Berfikir - Posts · Comments
Theme Template by BTDesigner · Powered by Blogger